اعتبر عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، أن حذف المحكمتين الابتدائيتيْن التجارية والإدارية بمدينة مكناس، يأتي من أجل “خريطة قضائية معقلنة، وملائمتها مع التقطيع الجهوي، لتستجيب معه لمتطلبات الإصلاح، الهادف إلى الرفع من مستوى مردودية وجودة المؤسسات القضائية ولا سيما على مستوى المحاكم المتخصصة”.
وأشار وهبي في معرض رده على سؤال كتابي وجهته صوفيا طاهيري، النائبة البرلمانية عن فريق التجمع الوطني للأحرار، حول “أسباب قرار حذف المحكمتين الابتدائيتيْن التجارية والإدارية بمدينة مكناس، مع ملتمس التراجع عنه”، إلى أن هذا القرار جاء لاعتبارين أولهما “المسافة الفاصلة بين المدينتين المذكورتين لا تتجاوز 64 كلم.
وحسب وهبي. فالاعتبار الثاني، هو تواجد مدينتي فاس ومكناس بنفس الجهة، “إذ تتوفر جهة واحدة على محكمتين ابتدائيتين تجاريتين وإداريتين، في حين هناك جهات أخرى تعاني من الخصاص في هذا النوع من المحاكم”، معتبرا أنه “هذا أمر لا يستقيم وما تتطلع الجهوية المتقدمة إلى تحقيقه من نظام اللاتمركز الإداري”.
وأضاف وهبي “لتجاوز هذا الإشكال، تم التفكير في حذف المحكمتين الابتدائيتين التجارية والإدارية بمكناس، مع الإبقاء على المحكمتين الابتدائيتين التجارية والإدارية بفاس، لتحقيق المبدأ العام المتمثل في وجود محاكم متخصصة بمركز الجهة، وبهذا الحذف سيتحقق التوازن في التوزيع الجغرافي للمحاكم المتخصصة حسب الجهات، مع اعتماد مركز الجهة كمقر للمحاكم المتخصصة”.
وتناول وهبي في معرض جوابه مستجدات قانون التنظيم القضائي رقم 38.15، حيث أشار إلى الفقرة الأولى من المادة 44، التي تقول “تحدث الأقسام المتخصصة في القضاء التجاري والأقسام المتخصصة في القضاء الإداري بالمحاكم الابتدائية المعنية، وتحدد مقارها ودوائر اختصاصها بمرسوم، بعد استطلاع رأي المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة والهيئات المهنية المعنية…”.
وحسب نفس المصدر، فإن هذا المقتضى “جاء بمستجد في غاية الأهمية، والمتمثل في إحداث أقسام متخصصة في القضاء التجاري والإداري بالمحاكم الابتدائية ببعض المدن التي لا تتوفر على محاكم متخصصة في هذا المجال، شريطة توفر المعايير الموجبة لإحداثها”، مشيرا إلى أنه “سيتم أخذ هذا المستجد بعين الاعتبار انسجاما مع استراتيجية وزارة العدل الهادفة إلى تقريب القضاء من المتقاضين والاستجابة لمتطلبات الجهات المعنية، وذلك في إطار المقاربة التشاركية التي دأبت الوزارة على نهجها، من أجل عقلنة الخريطة القضائية، وملائمتها مع التقطيع الجهوي، بالنظر إلى تأثير وضعية الخريطة القضائية على مستوى أداء الإدارة القضائية، وارتباطها بمدى فعالية توزيع المحاكم على التراب الوطني”.
وكانت النائبة البرلمانية قد وجهت سؤالا كتابيا إلى وزير العدل، حول المرسوم رقم 2.23.665 المتعلق بتحديد الخريطة القضائية للمملكة، الذي قدمه وهبي إلى المجلس الحكومي بتاريخ 2 نونبر 2023 وصودق عليه، حيث سيتم بموجبه حذف المحكمتين الابتدائيتيْن التجارية والإدارية بمدينة مكناس.
وأعربت صوفيا طاهيري عن “أسفها وأسف جميع الفعاليات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والحقوقية بمدينة مكناس ذات الإرث التاريخي التليد، والمجد الحضاري الكبير، والكثافة السكانية التي تتجاوز الزهاء مليون نسمة”.
وحسب البرلمانية فإن مكناس “باتت تفقد سنة بعد سنة هيبتها ومكانتها بين عمالات وأقاليم المملكة، الأمر الذي سيفرض لزاما على المرتفقين المكناسيات والمكناسيين التنقل من مدينة لأخرى قصد الاستفادة من خدمات المرفقين القضائيين المذكورين، علما أن اقاليم أخرى استفادت من تشييد محاكم جديدة”.
وتابعت “إنطلاقا من مبدأ تقريب الإدارة من المواطن، على غرار باقي القطاعات المركزية والمصالح الإدارية الأخرى. نسائلكم عن أسباب إتخاذ قرار حذف المحكمتين الابتدائيتيْن التجارية والإدارية من مدينة مكناس تحديدا”، مطالبة “بالتراجع عن هذا القرار لما له من تداعيات اقتصادية واجتماعية”.