friends electric

تقرير يضع سباق التسلح بين المغرب والجزائر على الميزان.. استراتيجية “القوة الذكية” مقابل “الردع الكمي”

كشف تقرير حديث صادر عن منصة “ديفينسا” المتخصصة في الشؤون الدفاعية عن ملامح سباق تسلح متجدد بين المغرب والجزائر، حيث خصص البلدان ميزانيات دفاعية غير مسبوقة في مشروع قانون المالية لسنة 2026.

وأورد التقرير أنه في الوقت الذي يراهن فيه المغرب على تحديث نوعي وتوطين تدريجي للصناعة الدفاعية، تواصل الجزائر نهج الإنفاق الكمي الضخم للحفاظ على تفوقها العددي والتقني في موازين القوى التقليدية بالمنطقة.

وبحسب التقرير، فقد خصص المغرب اعتمادات مالية قياسية بلغت 157.17 مليار درهم (حوالي 14.7 مليار يورو) ضمن ميزانية الدفاع لسنة 2026، وهو ما يمثل السقف المالي المخصص لعقود التسلح والمشاريع الممتدة على مدى سنوات.

أما الميزانية الفعلية المقررة للصرف، والمعروفة بـ”اعتمادات الأداء”، فتصل إلى 55.3 مليار درهم (5.15 مليارات يورو)، موجهة لتغطية نفقات التشغيل وصيانة العتاد وأجور الأفراد وتسديد الأقساط السابقة.

ويشير التقرير إلى أن هذا التوجه يعكس فلسفة التخطيط المالي المغربي القائمة على التدرج والاستدامة، إذ تُوزع تكاليف العقود الكبرى على فترات زمنية متعددة لتفادي الضغط على الميزانية السنوية.

وتركز الاعتمادات على هدفين رئيسيين، الأولى استكمال برامج التحديث النوعي للقوات المسلحة عبر اقتناء تكنولوجيات متطورة ومنظومات قتال حديثة، والثانية تطوير الصناعة الدفاعية المحلية عبر شراكات مع الولايات المتحدة، وإسرائيل، والهند، وتركيا، تشمل التصنيع المشترك ونقل التكنولوجيا.

كما يتضمن المشروع إحداث 5500 منصب شغل جديد داخل القوات المسلحة، إضافة إلى زيادة مخصصة لمركز الترصّد الفضائي الملكي، تأكيدًا على الأهمية المتزايدة للاستخبارات والاستطلاع الفضائي ضمن العقيدة الدفاعية المغربية الحديثة.

في المقابل، كشف التقرير أن مشروع ميزانية الدفاع الجزائري لعام 2026 خصص اعتمادات أداء تبلغ 3.205 تريليون دينار جزائري (21.1 مليار يورو)، واعتمادات التزام تصل إلى 3.305 تريليون دينار (22.8 مليار يورو)، وهو ما يعكس اعتمادًا واضحًا على الإنفاق الفوري والعقود قصيرة الأجل لتغطية تكاليف التسليح والصيانة.

وتعتزم الجزائر، وفق المنصة، استلام ثلاث طرازات جديدة من المقاتلات الروسية قبل نهاية العام، تشمل 12 طائرة من الجيل الخامس “سوخوي Su-57”، و14 مقاتلة “سو-35”، و14 قاذفة “Su-34”، ما يعزز طابع الكمّ الردعي الذي تتبناه العقيدة العسكرية الجزائرية.

ويرى التقرير أن هذا النمط من الإنفاق ليس ظرفيًا، بل يمثل استمرارية لسياسة ثابتة جعلت من الجزائر أحد أكبر مستوردي السلاح في إفريقيا والعالم، في إطار مقاربة دفاعية تركز على الردع عبر التفوق العددي والاحتفاظ بجيش تقليدي كبير بتجهيزات ثقيلة، رغم الكلفة التشغيلية الباهظة.

وأكد التقرير أنه عند وضع الأرقام في سياقها الاقتصادي، تتضح الفوارق الاستراتيجية بجلاء، بحيث في المغرب، يمثل الإنفاق الدفاعي الفعلي (5.1 مليار يورو) حوالي 3.4% من الناتج الداخلي الخام و7.6% من الميزانية العامة للدولة، وهي نسبة تفوق المتوسط الأوروبي لكنها تبقى في حدود مقبولة اقتصاديا.

أما في الجزائر، فتبلغ النفقات الدفاعية الفعلية 22.1 مليار يورو، أي ما يعادل 8.9% من الناتج الداخلي الخام و15.1% من الميزانية العامة، وهي من أعلى النسب في العالم، متجاوزة دولا كالسعودية وإسرائيل.

ويشير التقرير إلى أن هذا الحجم من الإنفاق يجعل الميزانية الجزائرية شديدة الحساسية لتقلبات أسعار النفط والغاز، اللذين يمثلان المصدر الأساسي لإيرادات الدولة.

أما من زاوية الأولويات الوطنية، تظهر المفارقة بحيث في الجزائر، تتجاوز ميزانية الدفاع (22.1 مليار يورو) مجموع ميزانيتي التعليم والصحة (18.5 مليار يورو)، ما يعكس هيمنة المقاربة الأمنية في ترتيب الأولويات.

في المقابل، تحافظ المغرب على توازن نسبي، إذ تبقى ميزانية الدفاع (5.1 مليار يورو) أقل بكثير من ميزانيتي التعليم والصحة مجتمعين (13.9 مليار يورو)، وهو ما يشير إلى سعي الدولة إلى التوفيق بين متطلبات الأمن والدفاع وبين أولويات التنمية الاجتماعية والبشرية، خاصة بعد احتجاجات “جيل Z” الأخيرة.

وخلصت منصة “ديفينسا” إلى أن ميزانيات الدفاع لعام 2026 تعكس رؤيتين متباينتين للمستقبل في شمال إفريقيا، كون المغرب يتجه نحو نموذج “القوة الذكية”، عبر تحديث نوعي، تعاون تكنولوجي، واستثمار طويل الأمد في الصناعة الدفاعية.

فيما الجزائر تواصل الرهان على “الكم الرادع”، من خلال الحفاظ على جيش ضخم وتجهيزات مكلفة، ما يثقل كاهل الاقتصاد النفطي ويزيد اعتماده على تقلبات السوق.

 

 

 

أضف تعليق

 

فيديوهات المغرب بريس