انقطعت خدمات الاتصالات والإنترنت الجمعة في غزة، مع مقتل العشرات في مدن في جنوب القطاع حيث يهدّد البرد والجوع حياة مئات آلاف الأشخاص في اليوم الـ98 للحرب بين إسرائيل وحركة حماس.
واحتدم القتال بين مقاتلي حماس والقوات الإسرائيلية بعد ليلة شهدت قصفا إسرائيليا عنيفا، وذلك وسط مخاوف متزايدة من اتساع نطاق النزاع بعد أن ضربت القوات الأمريكية والبريطانية المتمردين الحوثيين المتضامنين مع حماس في اليمن عقب هجمات على سفن شحن في البحر الأحمر.
في غزة أفاد مراسل وكالة فرانس برس بضربات إسرائيلية وقصف مدفعي لمناطق تقع بين مدينتي خان يونس ورفح في جنوب القطاع المكتظ بالنازحين الفارين من الشمال.
وليل الخميس الجمعة أوقع القصف 59 قتيلا على الأقل وعشرات الجرحى في أنحاء القطاع المحاصر، وفق ما أعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس.
من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي إنه قتل سبعة مقاتلين في ضربة في خان يونس و20 آخرين في المغازي في الشمال.
وأظهرت لقطات لفرانس برس دخانا أسود يتصاعد فوق رفح وخان يونس.
أمام مستشفى حيث تجمّع عدد من ذوي ضحايا سقطوا في الساعات الأخيرة، تساءل أحد المشيعين “هل يكترث لنا أحد؟ لماذا الجميع صامتون؟”.
وفي منطقة أخرى في رفح، تفقّد فياض أبو رجيلة ركام مبنى بعد غارة إسرائيلية قال إنها قتلت مدنيين في منازلهم. وقال لوكالة فرانس برس “لم تكن لهم أي علاقة بأي شيء. أناس يريدون فقط أن يعيشوا. لماذا استهدفوهم؟”.
وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته البرية وضرباته الجوية دمّرت أكثر من 700 قاذفة صواريخ في غزة منذ اندلاع الحرب في السابع من تشرين أكتوبر.
وأعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل) المزودة للانترنت والهاتف الجمعة انقطاع كافة خدمات الاتصال تمامًا في قطاع غزة في اليوم الثامن والتسعين للحرب.
وقالت الشركة في بيان مقتضب “نأسف للإعلان عن انقطاع كامل لكافة خدمات الهاتف الخلوي والثابت والإنترنت مع قطاع غزة، بسبب العدوان المستمر، حماكم الله وحمى بلادنا”.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس الجمعة ارتفاع حصيلة ضحايا العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 23708 قتيلا في اليوم الثامن والتسعين للحرب على غزة.
واندلعت الحرب في غزة بين إسرائيل وحماس إثر هجوم شنته الحركة داخل إسرائيل وخلف نحو 1140 قتيلاً، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استناداً إلى تقارير إسرائيلية.
واحتُجز حوالى 250 شخصا رهائن خلال الهجوم واسع النطاق الذي شنه مقاتلو حركة حماس في 7 أكتوبر، بحسب إسرائيل التي قالت إن 132 منهم ما زالوا في غزة – وتم تأكيد مقتل 25 منهم.
وأُطلق سراح حوالى 100 رهينة خلال هدنة في نهاية نوفمبر، مقابل إفراج إسرائيل عن أسرى فلسطينيين، بموجب اتفاق توسطت فيه قطر أيضا.
والجمعة أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو التوصل إلى اتفاق بوساطة قطر لإيصال أدوية “في الأيام المقبلة” إلى الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في قطاع غزة الفلسطيني المحاصر.
وقال المكتب في بيان إن الاتفاق “سيسمح بدخول الأدوية للرهائن الذين تحتجزهم منظمة حماس الإرهابية في غزة”.
ردا على هجوم السابع من أكتوبر، توعدت إسرائيل “بالقضاء” على الحركة الإسلامية وهي تشن منذ ذلك الحين حملة قصف مدمرة وعملية برية معظم ضحاياها من النساء والفتية والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة التابعة لحماس.
وقالت سالي أبي خليل الناشطة في منظمة أوكسفام الدولية الخيرية إنه إنه “لا يمكن تصور” وقوف المجتمع الدولي موقف المتفرج بينما تستمر أعمال القتل.
وفي شمال غزة، قالت منظمة الصحة العالمية إنها وصلت إلى أكبر مستشفى في غزة الخميس لتوصيل الوقود والإمدادات الطبية التي تشتد الحاجة إليها.
وقال رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس على موقع “إكس” إن الفريق قال إن مستشفى الشفاء، وهو أكبر مستشفى في غزة سابقًا، استأنف جزئيًا تقديم خدماته.
وندّدت الأمم المتحدة الجمعة بالصعوبة المتزايدة التي تعيق إيصال المساعدات إلى شمال قطاع غزة، متهمة الجيش الإسرائيلي بوضع عقبات أمام إدخال إمدادات الوقود وخصوصا إلى المستشفيات.
وصرح ممثل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الاراضي الفلسطينية أندريا دي دومينيكو للصحافيين في جنيف، أن “العمليات في الشمال تزداد تعقيدا. نصطدم برفض منتظم من الطرف الإسرائيلي”.
وأوضح متحدثا عبر الفيديو من القدس أن إسرائيل وافقت “جزئيا” على ثلاث مهمات الخميس، غير أنها لم توافق في الأيام السابقة سوى على مهمة واحدة من أصل سبعة.
واتّهم دي دومينيكو الجيش الإسرائيلي بأنه يرفض بشكل “منتظم جدا” إيصال الوقود الذي تحتاج إليه خصوصا المستشفيات، محذرا بأن هذا الوضع “بصدد بلوغ مستوى من اللاإنسانية يفوق المنطق”.
وسط مخاوف من اتّساع نطاق النزاع، شنّت قوات أميركية وبريطانية فجر الجمعة ضربات على أهداف في مناطق خاضعة لسيطرة المتمرّدين الحوثيين في اليمن، بعد استهدافهم على مدار أسابيع سفنا تجارية في البحر الأحمر تضامنا مع قطاع غزة.
وتزايدت عمليات جماعات موالية لطهران في كل من اليمن ولبنان والعراق وسوريا ضد إسرائيل منذ اندلاع الحرب في غزة.
في أعقاب الضربات أكد المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين الجمعة، أن كل المصالح الأميركية والبريطانية صارت “أهدافاً مشروعة” لهم.
وقال فؤاد الغلاييني وهو نازح من مدينة غزة، إن لا أحد يكترث بنا سوى اليمن و”حين قرر اليمن اتخاذ خطوة للوقوف مع الشعب الفلسطيني” ومع أهل غزة “تحالفوا ضده”.
في الأثناء نظّم فلسطينيون في مدينة رام الله في الضفة الغربية تظاهرة مؤيدة لحماس بعد صلاة الجمعة، وفق مراسل فرانس برس.
وقالت أسمى هريش “رسالتنا من هنا من قلب مدينة رام الله في الجمعة 14 لاستمرار العدوان على قطاع غزة والضفة الغربية هي أننا نحن نخرج عونا ونصرة واستنكارا لهذه الدماء ولهذه المجازر التي تحدث إثر صمت عالمي”.
وتابعت “نخرج إسنادا وانتصارا للمقاومة التي تنتصر لدماء الفلسطينيين”.
منذ اندلاع الحرب في غزة، تصاعد العنف في الضفة الغربية أيضا وقد قتل 334 شخصا على الأقل بنيران الجيش أو المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية حسب أرقام وزارة الصحة في رام الله.