منذ أيام، تأثر جزء من الويب المغربي، تحت هاشتاغ “#justice4foodie” بالمعركة الذي يقودها عثمان بركات لإعادة افتتاح مطعمه الذي أغلقته السلطات الصحية في مدينة إفران. لكن أمام هذه الرواية، تقدم رواية السلطات المحلية ضوءً آخر على هذه القضية.
البداية
قصة هذا رجل الأعمال الشاب، الطالب السابق في جامعة الأخوين في إفران أثارت تعاطف مستخدمي الإنترنت. والسبب هو أنها تجمع كل عناصر قصة النجاح التي قام عثمان بركات بسردها في كل مقطع فيديو من الفيديوهات التي قام ببثها.
يوضح أنه من مدينة العيون وأنه بدأ دراسته في جامعة الأخوين عام 2012. لكن خلال مسيرته الجامعية، وجد نفسه غير قادر على دفع تكاليف سنته الدراسية الأخيرة في الجامعة المرموقة. وهكذا قرر افتتاح مطعم في إفران. وهو الأمر الذي تم في 31 أكتوبر 2020. ثم، في بداية العام، يتابع عثمان، بعد أن استفاد من برنامج “فرصة” الذي أطلقته الحكومة في المغرب لفائدة أصحاب المشاريع، قرر استئجار مستودع في آزرو، على بعد خمسة عشر دقيقة من إفران لتخزين بضاعته هناك.
كل شيء يسير حتى الآن على ما يرام… ولكن بعد شهرين، ساءت الأمور. أوقِف عثمان بركات على الطريق الذي يربط أزرو بإفران، وهو ينقل ستة عشر كيلوغراما من لحم الدجاج في سيارته الشخصية. المشكلة الأولى هي أنه ينقل هذه البضائع دون رخصة والمشكلة الثانية هي أن هذه البضائع تأتي من مستودع آزرو الذي يستخدمه بدون رخصة استغلال.
اعتراف بالمخالفات ولكن…
إذا اعترف الشاب بارتكاب هاتين المخالفتين، فإنه يندد مع ذلك بالظروف التي تم بموجبها إغلاق مستودعه ومصادرة بضاعته، من خلال القول بأن هناك عيوب شكلية وبأن هناك مؤامرة تستهدفه.
رجال الدرك الذين كانوا ينتظرونه على الطريق، إيقاف مدبر، سلع اعتُبرت غير صالحة للاستهلاك والتي حُجزت وحُرقت، كما يقول، دون أن تخضع لخبرة المختبر،…كلها عناصر رواها في مقطع فيديو بثه، ولكن دون إظهار الأدلة التي أقسم أنه يتوفر عليها والتي من شأنها إثبات ما يقوله.
بعد تفتيش وإغلاق مستودعه، ذهبت اللجنة المشتركة المحلية والدرك إلى مطعم “فودي” في نفس اليوم لتفتيشه. زيارة صورت من طرف كاميرات المراقبة التابعة للمؤسسة ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي عثمان بركات الذي كان يعلق عليها، دون أن يظهر في الصورة، في مقطع فيديو قام بتوضيبه. وبحسب قوله، فإن مؤسسته أُغلقت بعد أن حصل فريق التفتيش هذا على مجموعة من ستة أنواع من الخبز غير صالحة للاستهلاك والتي لم تكن موجهة للزبناء والتي كانت موجودة في دولاب.
ويقول الشاب إنه ليس لديه ما يلام عليه، بل أيضا إنه اتخذ خطوات عديدة ظلت دون إجابة. يدعي بأنه وحيد في العالم في مواجهة لوبي يهدف إلى القضاء على جهوده… ثم يوم 11 يونيو، خلال بث مباشر على فيسبوك، صور محاولة انتحاره على الهواء مباشرة أمام مستخدمي الإنترنت المذعورين، وهو يبتلع جميع أنواع الأدوية ويشرح مرة أخرى أنه ضحية ولا يفهم سبب استهدافه بهذا الشكل.
لحسن الحظ، سنتعرف لاحقا، أنه تم نقل الشاب إلى مستشفى في فاس على عجل، ويخضع حاليا للمتابعة من قبل طبيب نفسي.
الجانب الآخر من نفس الرواية
جماعة فاس، التي ظلت متوارية، خرجت الآن عن صمتها بإصدار بيان صحفي يوم 16 يونيو. وتوضح الجماعة أن إغلاق “فودي” تقرر يوم 24 مارس 2022 إثر تقرير صادر عن اللجنة المحلية المشتركة لمراقبة الجودة والسلامة الصحية، والذي رصد العديد من المخالفات التي من شأنها “الإضرار بصحة المواطنين”.
وعددت الجماعة المخالفات المرتكبة منها مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك واستغلال مستودع أزرو الذي وصف بأنه “سري” ونقل مواد استهلاكية من المستودع إلى المطعم دون أدنى احترام للشروط الصحية أو حتى عدم الامتثال لشروط الصحة والسلامة في المطعم حيث سيعمل الموظفون الذين لا يتوفرون على بطائق صحية.
اتهامات خطيرة لم يرد عليها بعد عثمان بركات. وإذا كان قد ادعى عدم فهم أسباب هذا المنع غير المبرر لعدم حصوله على أي جواب على طلباته العديدة، فإن هذا البيان الصحفي الصادر عن الجماعة قد أفحمه، خاصة وأن الجماعة أكدت أن صاحب المحل لم يتخذ الإجراءات اللازمة ليخضع محله من جديد للمعايير الصحية المطلوبة وبالتالي السماح له باستئناف نشاطه.
أمر آخر يناقض رواية رجل الأعمال الشاب وهو أنه إذا ادعى من جانبه أنه لم يتلق أي إنذار من السلطات قبل إغلاق محله، فإن الجماعة، من جانبها، أشارت إلى أنها وجهت إنذارا بعد المحضر الذي أعدته لجنة المراقبة. وبحسب الجماعة، فإن إعادة افتتاح مطعم “فودي” سيكون مشروطا بتنفيذ الشروط التي تحددها هذه اللجنة نفسها. وهكذا ستتخذ الجماعة الإجراءات اللازمة للسماح للشخص المعني باستئناف نشاطه.
عمالة إفران تخرج هي الأخرى عن صمتها
بعد جماعة فاس، خرجت عمالة إفران بدورها عن صمتها من خلال بيان حقيقة نشر يوم 16 يونيو يصف الاتهامات الموجهة للسلطات المحلية بعد إغلاق مطعم “فودي” بأنها مجرد مغالطات. كما أدانت العمالة بث مقطع فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي “يتضمن تصريحات مشوبة بالكثير من المغالطات، يوجه من خلالها شخص اتهامات زائفة للسلطات المحلية بإقليم إفران بإغلاق محل يستغله واتهامات أخرى بالتعسف والمحاباة وما إلى ذلك من ادعاءات ومغالطات لا أساس لها من الصحة”.
تتطرق العمالة في بيانها إلى رواية صاحب المطعم نقطة بنقطة وتوضح أن الشخص المعني قد أوقِف بالفعل في مارس الماضي عند مروره بحاجز قضائي، وليس بشكل تعسفي كما يقول، لأنه كان “متحوزا لمواد غذائية ولحوم مشكوك في مصدرها، مع انعدام توفر الشروط الصحية لنقل هذه المواد”.
وأضاف البيان أنه “تبعا لذلك وبناء على تعليمات النيابة العامة، تم استدعاء اللجنة الإقليمية المختصة لمعاينة المحل الموجهة إليه هذه المواد الفاسدة”.
ثم تعود عمالة إفران إلى الوقائع التي سبقت إغلاق مطعم عثمان بركات. ففيما يتعلق بمستودع آزرو، الذي تم إغلاقه بشكل تعسفي وفقا لأقوال صاحب المطعم من قبل السلطات، فإننا نعلم، في هذه الرواية الثانية من نفس القصة، أنه “تمت معاينة محل لتحضير وتخزين الوجبات الغذائية كائن بمدينة آزرو، كان موضوع العديد من المخالفات، من قبيل عدم التوفر على رخصة للاستغلال مسلمة من طرف مصالح الجماعة المعنية، وانعدام الشروط الصحية والتقنية وشروط النظافة والسلامة اللازمة لمزاولة هذا النوع من النشاط، مع مخالفات أخرى مرتبطة بتشغيل عمال دون التصريح بهم ودون توفرهم على البطائق الصحية اللازمة في شأن ذلك”.
وفي ما يتعلق بالبضائع المحجوزة والتي تم حرقها أيضا بشكل تعسفي بحسب عثمان بركات، توضح العمالة أن “المواد الغذائية المحجوزة، سواء بالسيارة المستعملة من طرف المعني بالأمر أو بداخل المحل المعني، تشكل خطرا على صحة المواطنين، فقد تم، تحت إشراف النيابة العامة المختصة، إجراء عملية إتلاف هذه المواد وفقا للمساطر والكيفيات المعمول بها”.
وبشأن المعاينة التي تمت في مطعم “فودي” والتي تم تصويرها بواسطة كاميرات المراقبة الخاصة بالمطعم وبثها عثمان بركات الذي يتحدث عن وجود مؤامرة مع التنديد بوجود عيوب شكلية، فإن عمالة إفران تقدم بدورها توضيحا بهذا الخصوص: “بالإضافة إلى ذلك، وبناء على تعليمات النيابة العامة، فقد جرى أيضا تفعيل إجراءات معاينة للمحل الذي يستغله المعني بالأمر لتقديم الوجبات الغذائية والمتواجد بمدينة إفران، حيث تمت معاينة مجموعة من المخالفات، كعدم توفر الشروط الصحية والتقنية ومتطلبات النظافة والسلامة بالمحل، وتشغيل عمال دون تصريح ودون التوفر على بطائق صحية، مع حجز وإتلاف مواد غذائية منتهية الصلاحية”.
وأضاف البيان قائلا: “إن المخالفات المسجلة في حق المعني بالأمر تشكل تهديدا خطيرا لصحة المواطنين، فقد تم التماس تدخل السلطات الجماعية بكل من آزرو وإفران من أجل اتخاذ تدابير احترازية بإغلاق كلا المحلين (محل تحضير الوجبات ومحل تقديمها) إلى حين البت في هذا الملف من طرف السلطات القضائية”.
الخاتمة…
وأخيرا، أشارت عمالة إفران إلى أنه “حيث أن الوقائع المتعلقة بهذه النازلة تشكل حاليا موضوع مساطر معروضة على القضاء، فيمكن حاليا الاقتصار على تقديم التوضيحات التالية، سعيا لتنوير الرأي العام في هذا الشأن وتفنيدا للمغالطات والمعطيات غير الصحيحة الواردة على لسان المتحدث يالفيديو”.
يوجد عثمان بركات حاليا رهن المتابعة القضائية بناء على قرار من النيابة العامة. سيكون عليه أن يقدم الأدلة القاطعة على ما يقوله، وإلا فإن اتهاماته تبقى في الوقت الحالي، بحسب عمالة إفران، مجرد “ادعاءات واهية” و”لا تمت للحقيقة بصلة”.