لا حديث في دول العالم حاليا إلا عن انتشار فيروس “جدري القردة”، الأمر الذي أثار خوف وهلع سكان المعمورة من تكرار سيناريو فيروس كورونا، حيث يبدي الناس فضولا متزايدا لمعرفة معلومات عن هذا الاضطراب الصحي، أهمها أعراضه وكيفية الوقاية منه.
ما هو جدري القرود؟
بحسب منظمة الصحة العالمية، يُصنَّف جدري القرود كمرض فيروسي نادر حيواني المنشأ، ويظهر عادة في المناطق النائية الواقعة في وسط إفريقيا وغربها، بالقرب من الغابات الاستوائية المطيرة. وقد اكتُشفت الإصابة الأولى بجدري القرود بين البشر في عام 1970، في جمهورية الكونغو الديمقراطية عند طفل يبلغ من العمر تسعة أعوام.
ماهي أبرز أعراضه؟
ينتمي جدري القرود إلى عائلة الفيروسات نفسها المسببة للإصابة بمرض الجدري المعروف، ولكنه يسبب أعراضا أكثر اعتدالا؛ إذ يعاني معظم المرضى من الحمى وآلام الجسم والقشعريرة والتعب، وقد يطور الأشخاص المصابون، بمستوى أكثر خطورةً للمرض، طفحا جلديّا وبثورا على الوجه واليدين يمكن أن تنتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم.
وتبلغ فترة حضانة الفيروس (وهي الفترة الفاصلة بين مرحلة الإصابة بعدواه ومرحلة ظهور أعراضها) المسبب لهذه الإصابات من حوالي خمسة أيام إلى ثلاثة أسابيع، ويتعافى معظم الناس في غضون أسبوعين إلى أربعة أسابيع دون الحاجة إلى دخول المستشفى، لكن يمكن أن يكون جدري القرود قاتلا بنسبة تصل إلى واحد من كل 10 أشخاص، كما يُعتقد أنه يكون أكثر حدةً عند الأطفال والحوامل ومَن يعانون ضعف المناعة.
تصميم من موقع: www.scientificamerican.com
© حقوق النشر : DR
وتقسم مرحلة العدوى إلى فترتين على النحو التالي:
فترة الغزو: وتتراوح من لحظة الإصابة إلى 5 أيام، وأبرز سماتها الإصابة بحمى وصداع مبرح وتضخّم العقد اللمفاوية والشعور بآلام في الظهر وفي العضلات ووهن شديد.
فترة ظهور الطفح الجلدي: ويكون في غضون مدة تتراوح بين يوم واحد و3 أيام عقب الإصابة بالحمى، ومن أبرز سماتها ظهور الطفح الذي يبدأ على الوجه، في أغلب الأحيان، ومن ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم، ويكون الطفح أشدّ ما يكون على الوجه (في 95% من الحالات) وعلى راحتي اليدين وأخمصي القدمين (75%)، ويتطوّر الطفح في حوالي 10 أيام من بقع ذات قواعد مسطّحة إلى حويصلات صغيرة مملوءة بسائل، وبثرات والمرحلة التي تليها من تطور، وقد يلزمها ثلاثة أسابيع لكي تختفي تماما.
كيف ينتقل هذا المرض؟
تحدث الإصابة بسبب مخالطة مباشرة لدماء الحيوانات المصابة بعدواه أو لسوائل أجسامها أو آفاتها الجلدية أو سوائلها المخاطية.
وفي إفريقيا، سجلت حالات عدوى نجمت عن التعامل مع القردة أو الجرذان الغامبية الضخمة أو السناجب المصابة بعدوى المرض.
ومن المحتمل أن يكون تناول اللحوم غير المطهوة جيدا من الحيوانات المصابة بعدوى المرض، عامل خطر يرتبط بالإصابة بجدري القدرة.
كما يمكن أن ينجم انتقال المرض على المستوى الثانوي، أو من إنسان إلى آخر عن طريق الإفرازات أو الملامسة.
وينتقل المرض في المقام الأول عن طريق جزيئات الجهاز التنفسي التي تتخذ شكل قطيرات تستدعي عادة فترات طويلة من التواصل وجها لوجه، مما يعرض أفراد الأسرة من الحالات النشطة لخطر الإصابة بعدوى المرض بشكل كبير.
هل ينتشر جدري القرود عبر الجنس؟
هذا أمرٌ محتمل، لكنه غير واضح تماما في الوقت الحالي؛ إذ لم يجرِ توثيق انتشار جدري القرود من قبل عبر ممارسة الجنس، ولكن يمكن انتقاله عن طريق الاتصال الوثيق مع الأشخاص المصابين، وتبادُل سوائل أجسامهم وملابسهم أو الاحتكاك بملاءات سرير واحد يجمع بينهم، حيث أوضح خبراء طبيون أن “انتقال العدوى يمكن أن تعززه حقيقة أن “الحالات التي يتم الكشف عنها حاليا هي من بين أولئك الذين يمارسون نشاطا جنسيا”، إذ أن معظم الحالات الأولية المكتشَفة للمرض كانت بين الرجال الذين مارسوا الجنس مع رجال ويسعون للعلاج في عيادات الصحة الجنسية، ومن جانبها، أعلنت منظمة الصحة العالمية أنها تحقق في حقيقة أن العديد من الحالات المبلغ عنها كانت لأشخاص مثليين أو ثنائيي الجنس أو رجال يمارسون الجنس مع رجال.
ما هو علاج جدري القرود؟
لا يتوفر علاج أو أدوية لمكافحة عدوى جدري القرود، كذلك لا يتوافر لقاح مضاد له. لكنّ اللقاح المضاد للجدري ناجع بنسبة 85% في الوقاية من جدري القرود، علماً أنّ هذا اللقاح لم يعد متاحاً للعامة بعد أن أوقفت عملية التحصين به في أعقاب اجتثاث الجدري من العالم.
سبل الوقاية من جدري القرود
مع غياب العلاج وعدم وجود لقاح محدّد لمكافحة المرض، فإن الوسيلة الوحيدة للحد من الإصابة به هي رفع الوعي بعوامل الخطر المرتبطة به واتخاذ التدابير التي يمكنها الحد من معدل التعرّض له، وعلى مستوى الدول والمنظمات المعنية، لابد من تطبيق إجراءات الترصد والإسراع في تشخيص الحالات الجديدة. كما ينبغي أن تركِّز رسائل التثقيف بشأن المرض على أمرين:
أولا: ضرورة تجنّب المخالطة الجسدية الحميمة للمصابين بالمرض، مع ارتداء القفازات اليدوية عند الاعتناء بالمرضى، وضرورة المداومة على غسل اليدين.
ثانيا: الحد من مخاطر انتقال الفيروس من الحيوانات الحاملة له إلى البشر، وضرورة طهي كل المنتجات الحيوانية جيدا قبل أكلها.
ارتباطا بالمغرب، أعلنت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، الاثنين 23 ماي 2022، عن رصد ثلاث حالات يشتبه في إصابتها بمرض جذري القردة، دون تسجيل أي حالة مؤكدة. في المقابل تسجل العديد من دول العالم عشرات الإصابات بهذا المرض في صفوف مواطنيها.